كثيراً ما اتخيل سيدنا عمر رضي الله عنه و مواقفه العِظام تصاغ كفلم اراه كلما اغمضت عيني متفكرة في عملاق من عمالقة الإسلام , فطالما كنت من أشد المعجبين به رضي الله عنه .
كيف لا و هو من هو علماً و فقهاً و عدلاً , و ينتابني الذهول عندما أسمع عن الموافقات العمرية و المسائل القضائية التي عُرِفت باسمه كالتي عرفت بالمسألتين العمريتين عند الفرضيين , و ينتابني الشعور بالانبهار بشخصيته الفريدة والتي منها العجيب , فقصة تَسَلُمِه لمفاتيح بيت المقدس خير مثال و يروى أن رئيس الأساقفة قال له : إن صفات من يتسلم مفاتيح إيليا (بيت المقدس) ثلاثة ، وهي مكتوبة في كتابنا , أن يأتي ماشياً وخادمه راكب و رجلاه ممرغتان في الوحل و أخذ يعد الرقع في ثوبه فإذا هي سبع عشرة رقعة و هذه كانت الثالثة .
و مما اذهلني ايضا تلك التي يطلق عليها ( دِرَّة عمر ) و التي كانت اهيب من سيف الحجاج الذي صال و جال بأعناق أصحاب البدع و الثورات .
و قد اصبحت تلك الدِرَّة لله دَرُها مضرب المثل , و الصحيح في ضبط لفظها أنها دِرَّة بكسر الباء و فتح الراء المشددة , و الدِرَّة كما جاء في معاجم اللغة هي ( سَوْطٌ يُضْرَبُ به ) , و القصص تترى في خبرها فقد كان رضي الله عنه شديداً في الحق , استعملها كأداة لتأديب كل من عصى , و قد قيل أن العصى لمن عصى , و على هذا فإن من عصى ربه أولى بوقعها , و لا شك أن الدِرَّة أبلغ من العصى .
يُروى عن موسى بن خلف : أن عمر مَرّ برجل يكلِّم امرأة على ظهر الطريق ، فعلاه بالدرّة ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين! إنها امرأتي ، قال : فهلا حيث يراك الناس .
و عن إبراهيم النخعي قال : نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء , فرأى رجلاً معهن فضربه بالدِرََّة.
اصدقكم القول لقد تخيلتها بيدي و فكرت ما ذا سأصنع بها .
و بمناسبة احتفالات مهرجان الجنادرية راودني سؤال غريب : ( هل هذه الدِرَّة موجودة أم بَلِيَت مع الزمن ) ؟
فيا حبذا لو كانت من ضمن التراث نشم فيها عبق الروعة في الامتثال بشعيرة كثيرٌ من يبغي اندثارها لهواً في نفسه .
الشعيرة التي عدها بعض العلماء ركناً سادس من أركان الإسلام و لم ينكر أحد منهم أنها واجبة لازمة و بتركها نشابه من ذمهم الله تعالى و لعنهم بقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) 78-79 المائدة
و ربما تناولها ذلك الذي تذكر ما رُوِيَ بسند صحيح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( و الذي نفسي بيده ، لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم ) فأدب بها من مثله في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) 19 النور.
لله درك يا عمر و دِرَّتك .
التعليقات
ميساء انا من المتابعين لك انتي مبدعه الي الامام مقالك حاء علي الجرح وخصوصا بعد احداث الحنادريه
ابدااع نفع الله بك وبعلمك
ماذا نقول ،‘ عن رجل أعز الله به الإســــلام
ومن قال : نحن قوم أعزنا الله بـ الإسلام _
مبدعة ياميساء وفقك الله وحفظك من كل مكروه ونفع بك
اثابك الله. ..ربنا لا تؤاخذنا بما يفعله السفهاء منا
قلم مبدع دائما
نتمنى لك التوفيق اخت ميساء…
بارك الله فيك اخيتي وفيما تكتببن…الا لبت عمر بيننا او حتى درته
اترك تعليقاً