عندما تعصف رياح الأزمات ويعلو صفيرها تبدأ معالم الخوف من الله واللجوء إليه تظهر على قلوب كثير من المسلمين لعلمهم بعظمة الله وقدرته، ومعاينتهم لأصناف من جنده تحمل عليهم وزر خطاياهم وما كسبته أيديهم، وهذا في حد ذاته منفعة عظيمة من البلايا والشرور التي جعلها الملاحدة سببا في إنكار وجود الله بينما هي سبيل للعودة إلى الله؛ وفي نفس الوقت تظهر الشبهات مرتديةً ثوب القرآن ومتزينةً بمحاسن الرجوع إلى الله، لكن وفق رؤيتها الخاصة ومنظورها المعكوس، فتجد الذين يجعلون من تلاوة سورة البقرة والبحث عن شعرة تظهر فوق طيات المصحف بعد قرأتها تكون في النهار سوداء وفي الليل بيضاء بزعمهم سبيلاً لخلاص أمة محمد من وباء كورونا، وذلك برؤيا مناميه جعلوها تشريعاً على لسان الرسول صلى الله عليه ويسلم وهو بريء منهم ومن دعاويهم التي تجعل منه مقصراً لم يبلغ قبل وفاته ومبدلاً لما شرعه في حياته، إفكاً وافتراءً فسبحان الله.
وعلى صعيد آخر نجد العبث بتفسير النصوص القرآنية بدعوى الإعجاز في القرآن أو إعادة التفسير للنص الشرعي وفق الواقع المعاصر وغيرها تفجر بركانا لتغير تفسير سورة المدثر التي أرسل بها الرسول صلى الله عليه وسلم فتكون بمثابة هدية يفرح بها عوام المسلمين تجرفهم نحو قلب الدين ونبذ الحق واليقين، ولقد تفنن من كتب ذلك المنشور في حبك تفسيره الخيالي، فجعل فيها تسمية رعية لفيروس كورونا ألا وهو الناقور (فإذا نُقِر في الناقور) بينما هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام يوم القيامة النفختين، وجعل في قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا، وجعلت له مالا ممدودا، وبنين شهودا) إشارة إلى مكان ظهور فيروس كورونا وهي دولة الصين لكثرة سكانها وعظم اقتصادها، ضاربا بعرض الحائط أن المشار إليه هنا هو الوليد بن المغيرة المخزومي الذي كان له مالا كثيرا وعشر من الولد وكان يطمع في أن يزيده الله رغم عناده واستكباره وكفره، أيضا جعل فيها تحديدا زمانيا لظهور الفيروس وهو عام تسعة عشر بعد الألفين (عليها تسعة عشر) والذي هو في الأصل عدد خزنة جهنم، علاوة على جعله من آيات الإرسال (قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر) مراحل التعامل مع الفيروس وهي التوعية والتكبير والتطهير والهجر-الحجر الصحي-وعدم التهافت على تخزين الطعام والصبر على ذلك البلاء، ولم ينسى ذلك الوضاع أن يذكر أسباب انتشار هذا البلاء وهي: انتشار ترك الصلاة، ومنع الزكاة، والخوض في القرآن الكريم، انتشار الإلحاد والتكذيب بيوم القيامة الذي زعم أنه في قوله تعالى: (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلّين ولم نك نطعم المسكين وكنّا نخوض مع الخائضين وكنّا نكذّب بيوم الدين)، وبتلك المزاعم انتفت دلالة السورة على أركان الإيمان التي نزلت للدلالة عليها وتصدر التحريف مكان التفسير لإبطال الدين باسم العودة إلى الله، فتضيع مساعي المنساقين خلف هذه الشبهات التعبدية لزوال الرابط الشرعي تأصيلا وتقريرا ويخرجون صفر اليدين من عمل يرجونه عند الله للنجاة من البلايا والمحن.
تساؤل:
ألم يسعنا ما شُرِع لنا من قراءة سورة البقرة والأذكار والتحصينات والاستغفار والتوبة والدعاء وصدقة وقيام لليل واتباع السنة لنتعلق بما يفسد علينا الدين واليقين!؟
التعليقات
اترك تعليقاً