Slaati
ميساء باشا

مفتاح العدالة

منذ 1 سنة03862

مشاركة

إن الوعي هو السمة التي تميز الإنسان، وتجعله قادراً على إدراك ذاته وما حوله؛ فهو عملية إدراكية تجمع بين فهم الذات والوعي بالكون من حولنا؛ بمعنى أن يجمع الإنسان بين الوعي بأفكاره، مشاعره، ودوافعه، وبين وعيه بالعالم الخارجي بكل ما فيه من علاقات وظواهر. وهذا المفهوم هو أساس اتخاذ القرارات التي تحدد مسار الإنسان في حياته. وهذا يتطلب أن يجتمع في الإنسان وعي ذاتي وآخر شرعي يقوده لتنظيم وعيه بكل ما حوله؛ فقصر الوعي على الذات وإهمال الشرع، يمسخه ليتحول إلى أداة للفساد بالظلم والطغيان؛ فعلى الرغم من أهمية الوعي الذاتي، فإنه يظل قاصراً لاستناده على العقل البشري الذي لا يمكنه الإحاطة بالأمور، من حيث الأصل والعواقب، وما يغشاها من الأفعال وردود الأفعال.

ومن هنا تظهر أهمية الوعي بالشرع؛ فهو المرجعية الكاملة التي تضبط مسار الإنسان وفق القيم الإلهية. يقول الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء: ٥٩]، ليؤكد أن المرجع عند الخلاف هو كتاب الله وسنة نبيه، لا آراء الأفراد وحدها. وفي تكامل الوعي الذاتي والوعي الشرعي ما يضمن العدل في العلاقات والمعاملات؛ فالشرع يقدم للإنسان البوصلة التي تهديه للصواب، في حين أن وعي الذات يمكنه من فهم هذه النصوص وتطبيقها بمرونة وذكاء. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية هذا التوازن بقوله: (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).

على الجانب الآخر، إذا انفصل الوعي الذاتي عن الشرعي، تحكمت الأهواء والعقول القاصرة في القرارات، مما يؤدي إلى الظلم وتدهور العلاقات الإنسانية. وفي هذا السياق قال الإمام الشافعي رحمه الله: " كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي"؛ وهذه الحكمة تذكرنا بضرورة التواضع أمام شرع الله والاعتراف بنقص إدراكنا كأفراد. وبذلك يتضح أن بناء وعي شمولي؛ يقوم على الذات والشرع معاً، هو الأساس لضمان حياة متوازنة ومستقرة؛ فالشرع يوجه الإنسان، والوعي الذاتي يعينه على تطبيقه بوعي وإدراك. وهذا التكامل هو الضمانة لعلاقات إنسانية عادلة ومعاملات تقوم على الحق، والله تعالى يقول: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: ١٥٣].

إضاءة...

لا تقل ارتأيت؛ بل دعاني داعي الله فاستقمت مكاني.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

WhatsApp Image 2025-12-18 at 1.44.41 AM.jpeg
يوسف خميس: تعيين جيسوس أو إنزاغي لتدريب المنتخب ليس قرارًا صائبًا .. فيديو
الرياض
منذ 55 دقيقة
0
1567
WhatsApp Image 2025-12-18 at 1.21.16 AM.jpeg
جاكوبس: مانشستر يونايتد ونيوكاسل مهتمان بالتعاقد مع روبن نيفيز .. فيديو
الرياض
منذ 1 ساعة
0
1613
WhatsApp Image 2025-12-17 at 9.39.00 PM.jpeg
لحظة خضوع مقاتلات F-35 لاختبارات صارمة لمواجهة اصطدام الطيور.. فيديو
خاص
منذ 1 ساعة
0
1628
WhatsApp Image 2025-12-17 at 9.22.09 PM.jpeg
المعهد العالي للتقنيات الورقية يعلن عن وظائف شاغرة في جدة
جدة
منذ 1 ساعة
0
1640
WhatsApp Image 2025-12-17 at 12.03.37 PM.jpeg
الخضيري يحذر من الإفراط في معزز النكهات الماجي الأبيض والملح الصيني   .. فيديو
الرياض
منذ 1 ساعة
0
1634
إعلان
مساحة إعلانية