لاهثةٌ بنفور من طينها المتحجر وغابة الضوء تُحدق في ملمح الفجر بهاجسٍ دافىء كالغيمة في الأفق وتُهرول نحو جذور الرماد بإبتهالٍ غائر يُخيط سعف النخل وشقوق التراب ! تُرى هل يتخثر الندى على نشوة الزمن أم ينحته رنين الجدب وبريق القنديل الشاحب وكيف يهدر بتيهٍ ولهيب مهجتها بزغ نحو هذيان الجفاف وأبحرت في انتظارٍ نازف لما تبقى من إغتراب المطاف فقد أسرفت في الرجاء وهي تمضي على جدار أطياف الوقت و وقفت بحنينٍ على أديم الأرض وحملت معها حاضرها قبل أن تحوم خلف عناقيد المساء .
حينها كانت تنسج رداء شفاه أحلامها المُبعثرة بين أكاليل الغصون ومسام الرياح .. حاولت أن تهاجر من غياهب الوقت لتُفصح عما كانت فيه .. قد تكون آنذاك وحيدة في لحظة وجودها فخطوة يانعه قد غطت بعض طقوسها الجميلة .. أرادت وبكل مايحمله البوح داخلها أن تُذيب تلك الأجفان الناعسة التي كانت تمسك بلجام رحيلها البريء بين كفيها .. نزحت لتعبر إلى الأمام وقد كانت شواطىء أيامها مُترنحة محفورة على خلجان يابسة .
أقدام حافية حاولت أن تضع بصمات شهقتها على رمل ذلك النسيج من الخيال الهامس ..والينابيع كانت دافئة والبحر لازال في تلك اللحظة ينظر إليها بزرقته الهادئة .. نظراتها منغمسه خلفها إلى الوراء كأنها تريد بإمعان أن تجذب فجر تلك الليلة قبل أن يفلق .
توحدت مع هذيانها الشهي الذي أراق بكل حشمة الحياء على بعض ملامحها نبضاتها في ذلك السهو الذي كانت تعيش داخله قد نخرها وداهم وجسها حتى أصابه الذبول .
مدارات الأسى داخلها تُمخر بها لجَّة المراد ذلك المُبتغى الحامي المثير الذي كانت تبحث عنه في دنيا الحنين الفارح بنسيم الربيع .
لملمت حواسها لتغرس على وجهها الجاهم تهلل الإيراق فهل عبرت غير مذعورة نحو ذلك الوجد الحزين وهل ذلك كان كافياً للطرف الآخر أن يشاركها الوجوم ورماد عمره على قارعة الأنين .
وهل صريفها الجريء في صمته المتفرد توأمٌ تتسع خارطته عبر المسافات لإطراقه الراحل نحو أودية السراب بكل تجاعيدها الفاتنه من تلك الأغوار الساحقة بين ثواني زمنٍ دفين . جاءته وهو مطرقٌ يتأمل توقها وهي تحمل في يديها مساءها الجانح نحو آهة الدمع ونظرات الحنين وقد ارتسمت على وجنتيها أحداق الومق لكل شيء قادم أنيق وقد عانق حسها الهانيء عزفه النابض بالسكينة فحار السكوت بينهما بنداه الصادح باليقين .
إرتعادها الدامع داهم جدائلها المنعطفة بعد أن صات مداها العليل بين أنغام ذرات المياه المالحة لا لشيء وإنما فقط لتسكب الوَصَب على ظلال فجرها الطويل لتشعر بغبطة الفرح فقد كانت مياه عذبة تغمرها بين الحين والآخر عندما كانت تستنطق خصر الهواء وتحاور غبطة البحر العميق .
رحلت في مهب الريح وتوارت وذلك ماكان يفتنه بينما بقي سكونها الواقر ينظر بشده في جلدها اليابس العابر إلى الوراء وصوته المبحوح كان بعيداً عنها على الغبراء ويرسو إلى الأمام …
ولازالت توشوش إيقاعات السرور وهو يحلم والشمس كما هي تشتهي الماء وتنادي الأطفال من باطن الغيوم ليرقصوا بكل إيثار رقصة المطر على ورق العشب وأهداب الشجر !! على شدا قيثارةٍ تحلم بالحياة وهمس السحر !! تحلم بطيب اللحن في نفحات الزهر !!!
التعليقات
دمت مبدعا يا دكتور صلاح
دمت مبدعا يا دكتور صلاح
دمت مبدعا يا دكتور صلاح
دمت مبدعا يا دكتور صلاح
طابت أناملك ي دكتور صلاح اكثر من رائع
إبداع متجدد منك ي دكتور صلاح
اترك تعليقاً