Slaati
خالد سعود الحربي

القلق: ضريبة المرض الصامت في زمن التطور الاجتماعي

منذ 8 شهر03075

مشاركة

يُعد القلق مرض العصر كما يُطلق عليه، خاصةً في ظل ما نشهده من تطور اقتصادي واجتماعي ونفسي متسارع. ولو وضعنا هذه التحولات في مقارنة مع انتشار القلق، لوجدنا علاقة طردية بينهما؛ فكلما زاد مستوى التطور، زادت معدلات القلق بين الناس.

القلق اليوم هو السبب الخفي وراء كثير من مشكلات الأفراد، فهو مرض صامت يتسلل دون أن يُلاحظ، لأن الإنسان المعاصر لا يجد الوقت الكافي لفحص أفكاره والانتباه لها. فتمر الأفكار السامة إلى العقل الواعي مرور الكرام، ثم تتغلغل إلى العقل اللاواعي وتُدفن هناك، حتى تنفث سمومها لاحقًا في شكل اضطرابات نفسية قد تتحول إلى أعراض جسدية، وهي ما يُعرف بـ”الجسدنة”.

حين يتحول القلق والكبت النفسي إلى ألم جسدي، يصبح من الصعب على الإنسان تحقيق التطور والنجاح، إذ تُصبح هذه المعاناة منغّصًا دائمًا في حياته الاجتماعية. يحاول البعض التهرب من هذه المعاناة بالسفر، أو الترفيه، أو حتى بالزواج، كوسيلة لتجنب الأفكار المزعجة. لكن ما يحصل هو تخدير مؤقت، إذ تعاود هذه الأفكار الظهور حتى أثناء السفر أو التنزّه، ولكن بشكل أخف ولمدة محدودة، ثم تعود بقوة.

هذا يدفع الإنسان للبحث عن “سلوك أمان” جديد، أي وسيلة هروب أخرى، بينما يبقى الحل الأفضل هو المواجهة. مواجهة الأفكار، وتحليلها، ومساءلتها: إلى ماذا تؤدي؟ ولماذا تظهر؟ وماذا تعني؟ ومن ثم مناقشة الصوت الداخلي الذي تفرزه هذه الأفكار.

القلق عدوّ ضار نافع، فهو كان وسيلة الإنسان للبقاء في بداية الحياة البشرية، حيث دفعه لحماية نفسه من الأخطار. وهو كذلك المحفّز نحو الإنجاز والتطور وعمارة الأرض. لكنه في الوقت نفسه، قد يتحول إلى وحش داخلي مريض إذا لم يُحسن الإنسان التعامل معه، فيتحول إلى مرض مزمن مثل الضغط أو غيره من الأمراض المرتبطة بالتوتر.

إن أصعب ما يمكن أن يواجهه الإنسان هو التغلب على أفكاره، لأن الأفكار تولّد المشاعر، والمشاعر تولّد السلوك. ومن هنا تأتي أهمية التوعية النفسية، ولهذا نأمل من الجهات الصحية أن تُسهم في تعزيز الوعي النفسي، من خلال حملات مجتمعية، مثل لوحات إعلانية تحمل عبارات بسيطة مثل: “هل فحصت أفكارك اليوم؟”، كوسيلة لتحفيز الناس على التفكير والوعي.

كذلك، فإن تنمية الجانب الديني والروحي تساهم بدرجة كبيرة في خفض مستويات القلق، إذ أظهرت تجارب كثيرة أن القناعة، والارتباط بالخالق، والشعور بالطمأنينة الداخلية، تقلل من تأثير القلق بنسبة عالية.

فالقلق في جوهره هو العيش في المستقبل المجهول، أو الغرق في الماضي المنتهي، على حساب الحاضر الذي نملكه

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

العمري :  الأهلي هو الأكثر تضررًا من غياب اللاعبين بسبب أمم إفريقيا.. فيديو
العمري : الأهلي هو الأكثر تضررًا من غياب اللاعبين بسبب أمم إفريقيا.. فيديو
الرياض
منذ 1 ساعة
0
1680
هالر مهدد بالغياب عن أمم أفريقيا
هالر مهدد بالغياب عن أمم أفريقيا
الرياض
منذ 1 ساعة
0
1669
الخميس:الأخطاء التي حدثت مع مانشيني هي نفسها التي تحدث مع رينارد ..فيديو
الخميس:الأخطاء التي حدثت مع مانشيني هي نفسها التي تحدث مع رينارد ..فيديو
الرياض
منذ 1 ساعة
0
77762
عبده عطيف: اتحاد القدم لا يقدر على توضيح خطته للمونديال .. فيديو
عبده عطيف: اتحاد القدم لا يقدر على توضيح خطته للمونديال .. فيديو
الرياض
منذ 1 ساعة
0
77999
سائحة بريطانية تتفاجأ ببرودة الرياض .. فيديو
سائحة بريطانية تتفاجأ ببرودة الرياض .. فيديو
الرياض
منذ 2 ساعة
0
1684
إعلان
مساحة إعلانية