حين تذبل المشاعر قبل الورد

يُخطئ كثير من الأزواج حين يحصرون مسؤولياتهم تجاه زوجاتهم في إطار الماديات من مأكل ومشرب ومسكن.

ورغم أن هذه الاحتياجات تُمثل قاعدة أساسية لإستقرار الأسرة، إلا أنها وحدها لا تكفي لإشباع الجانب العاطفي والنفسي للزوجة.

فالمرأة بطبيعتها تحتاج أن تشعر بالإهتمام والتقدير عبر رموز صغيرة تحمل معنى عاطفيًا عميقًا، ككلمة طيبة أو رسالة عابرة أو هدية رمزية كالورد وغيره.

فمن منظور علم النفس الأسري، الحاجات المادية تُشبع بقاء الجسد، أما الرمزية فتُشبع حيوية الروح.

حيث تُعتبر الهدية وإن كانت بسيطة تحمل رسالة غير لفظية: “أنتِ حاضرة في وجداني، حتى في غياب مناسبة خاصة”.

وقد تناول جاري تشابمان هذا البُعد في كتابه الشهير The Five Love Languages: How to Express Heartfelt Commitment to Your Mate (1992)، مؤكّدًا أن التعبير عن الحب بالهدايا الرمزية يُعد من أقوى وسائل تعزيز الانتماء بين الزوجين.

وغالبًا ما يرى بعض الأزواج أن الورد أو الهدايا المادية غير الضرورية ترف زائد، إذ إنها سرعان ما تذبل أو تُستهلك، بينما يظن أن العطاء الحقيقي هو في تلبية الاحتياجات الأساسية.

لكن الزوجة تنظر للأمر من زاوية مختلفة، فالهدية بالنسبة لها رسالة تقول: “تذكرتك بلا سبب، أنتِ مهمة في حياتي”.

هذا التباين في التفسير يُعرف في الإرشاد الزواجي "بإختلاف أنماط التعبير عن الحب"، والذي يُعتبر من أحد أسباب الفجوات العاطفية بين الأزواج.

وحين يغيب هذا البُعد الرمزي في العلاقة، تشعر بعض الزوجات بالجفاف العاطفي.

ومع مرور الوقت تتراكم مشاعر الإهمال حتى تجد الزوجة نفسها تُفضِّل الانسحاب أو الانغلاق العاطفي وربما الطلاق.

وغالبًا ما يتفاجأ الزوج في هذه المرحلة بقوله: “قدمتُ لها كل ما تحتاجه، لماذا تركتني؟”، غير مدرك أن ما قصَّر فيه هو التغذية الوجدانية التي تُعزز الاستقرار النفسي قبل المادي.

يا معشر الأزواج إن التعبير الرمزي بالهدايا أو المبادرات الصغيرة يُسهم في بناء مشاعر الانتماء والطمأنينة داخل زوجتك، ويُعد وسيلة فاعلة للوقاية من الخلافات الزوجية.

فالحياة الزوجية ليست فقط بيتًا يُعاش فيه، بل روحًا تُغذّى وتُطمأن. وإدراك هذه الحقيقة هو مفتاح الإعمار العاطفي للأسرة واستمرارها.